كشفت مصادر مسؤولة بأن الوكالة اليابانية ''جايكا'' انتهت من إعداد تقرير ''سيناريو'' خاص بزلزال محتمل في 29 بلدية بالعاصمة، تضمّن تقديرات حول عدد الضحايا وحجم الخسائر لا زالت نتائجه حبيسة أدراج وزارتي الداخلية والسكن بعد تصنيفها في خانة ''السري جدا''. أعلنت مصادر متطابقة لـ''الخبر'' بأن التقرير الذي كلفت السلطات الجزائرية، الوكالة اليابانية ''جايكا'' بإعداده مباشرة بعد زلزال 2003، حول الطرق العملية الكفيلة بمواجهة زلزال محتمل في العاصمة، يوجد منذ أكثر من عام على مستوى وزارات كل من الداخلية والسكن، حيث لم يتم لحد الآن الإعلان عن نتائجه لأسباب تتعلق أساسا بأمن وسلامة السكان على اعتبار أن نتائج التقرير أشارت بالتفصيل إلى عدد الضحايا ''المحتمل'' وقوعهم في حالة حدوث الزلزال، بالإضافة إلى حجم الخسائر. وحسب مصادرنا، فإن التقرير شمل 29 بلدية تمتد من عين طاية شرق العاصمة إلى زرالدة، قامت بتمويله الوكالة اليابانية للتعاون ''جايكا'' - وكالة دولية تهتم بمتابعة برامج النمو في دول العالم الثالث بشكل خاص - بعد زلزال بومرداس في 2003 وهي الكارثة التي خلّفت عددا كبيرا من الضحايا، بالإضافة إلى حجم الخسائر المادية الذي فاق كل التوقعات. وجاء قرار إعداد هذه الدراسة، بعد أن اتضح بأن منطقة الجزائر التي لم تحدد الخارطة الزلزالية ''المستحدثة'' حدودها بالنظر إلى تكرّر ظاهرة الزلزال في مناطق مختلفة تقع في الضواحي، منذ أول زلزال في القرن الثامن عشر، معرضة لزلزال ''محتمل'' لا تقل قوته عن ذلك الذي ضرب منطقة بومرداس، مما استدعى وقتها وضع سيناريو لهذه الكارثة، غير أنه بعد انطلاقها في 2003 طلبت الحكومة من وكالة ''جايكا'' حسب مصادرنا توسيع الدراسة لتشمل جميع بلديات الجزائر الـ 57، الأمر الذي وافقت عليه الوكالة، لكن شرط أن تقوم السلطات الجزائرية بتمويل الـ 28 بلدية المتبقية ''غير أن الحكومة رفضت المسألة لتقتصر الدراسة على 29 بلدية فقط تمتد من عين طاية إلى زرالدة..''. التقرير الموجود على مستوى كل من وزارتي الداخلية والسكن منذ أكثر من عام، أعطى صورة مفصّلة عن سيناريو زلزال قد يضرب الجزائر في أية لحظة، حيث حدد مدى هشاشة البنايات الموجودة بها وحجم الضرر الذي ''قد'' يلحق بها، بالإضافة إلى تحديد عدد الضحايا المحتمل في حالة زلزال وكذا الميزانية التي يجب تخصيصها، ''الأمر الذي يفسر، حسب المصادر التي تحدثت إلينا، تصنيف التقرير في خانة ''السري جدا'' على اعتبار أنه لم يتم الإعلان عن نتائجه لحد الآن..''. غير أن هذا الأمر، تضيف ذات المصادر، لا يفسر أبدا ''تجاهل'' السلطة لعدد من الإجراءات ''الإلزامية'' التي تضمّنها التقرير في حالة وقوع هذه الكارثة. ويتعلق الأمر أساسا بضرورة تخصيص ميزانية إضافية لأجهزة وهيئات تتدخّل مباشرة في مثل هذه الحالات، على غرار الداخلية والحماية المدنية والأمن والصحة، بهدف التكفل بالسكان المتضررين وتأمينهم، وذلك من خلال تحديد أماكن تواجد سيارات الإسعاف مثلا وكذا مختلف المداخل المؤدية إلى مكان وقوع الزلزال، خاصة ما تعلق بوضعية الطرقات والأنفاق والمساحات التي يمكن أن تأوي العائلات المنكوبة. من جهة أخرى، يقترح تقرير ''جايكا'' بالمقابل، إجراء آخر في حالة ''عجز'' الحكومة عن تخصيص هذه الميزانية، هو الشروع في ترميم البنايات الهشة بصفة تدريجية وعلى مراحل بالنظر إلى التكلفة التي تتطلبها هذه العملية، بالإضافة إلى الانطلاق في توعية المجتمع المدني في إطار الوقاية من هذا النوع من الكوارث، وهو الإجراء الذي لا يتطلّب أموالا باهظة حسب مصادرنا ''فالأمر مرتبط فقط بإرادة سياسية يبدو أنها لا زالت غائبة، على اعتبار أن التقرير لا زال حبيس أدراج مصالح الداخلية منذ أكثر من عام..''.
من صحيفة الخبر الجزائرية العدد الصادر يوم 9 مارس 2008