موضوع: نعم.. الجهاد سبيلنا الخميس فبراير 24, 2011 4:28 pm
الأستاذ سيد نزيلي
بقلم: السيد النزيلي
ما زلنا نعيش جوَّ المعركة.. المعركة التي تدور رحاها الآن على أغلب بلاد المسلمين، وهي تأخذ أشكالاً ومظاهر متعددة، لعل أظهرَها وأبرزَها أمام أعيننا الآن هو ذلك الصراع العسكري الذي نُسِي في كثير من المناطق الساخنة، خاصةً في أفغانستان والشيشان وكشمير والعراق، وأخيرًا الأكثر سخونةً والتهابًا في فلسطين ولبنان..
ولعل الجانب الآخر للمعركة هو ذلك التغيير الذي يتم لأبناء أمة الإسلام في فكْرهم وعقيدتهم وجوانبهم الثقافية والسلوكية والأخلاقية والحياتية جميعها؛ حيث يحرص كثيرٌ من النظم في بلاد المسلمين على وضْع النظُم التربوية والتعليمية وفقًا للنموذج الغربي الأوروبي الذي يطرح الدين جانبًا، ويتنكَّر لكل ما هو موروث من القيم والآداب والفضائل، وذلك وصولاً إلى النموذج المطلوب الذي يحذو حَذوَ الغرب، وينشغل بإشباع رغباته ونزواته بعيدًا عن الانضباط بالدين أو الشرع، ويشيع في حياة المسلمين عوامل التحلل والإباحية والفسوق.
ويَفرِض علينا جوُّ المعركة في جانبها المادي العسكري أن نتحدث عما يدور الآن في أرض لبنان وفلسطين؛ حيث نشاهد روحًا جديدةً قد دبَّت في نفوس المجاهدين المقاومين للعدوّ المحتل الغاصب الغشوم، الذي تسانده كلُّ قوى البغي والظلم في العالم، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، هذه الروح الجديدة هي روح الإيمان بالمبدأ والثبات عليه والتضحية من أجله بكل رخيص وغال.
إن الناظر إلى ميدان المعركة الحامية الآن لا يستلفت نظرَه قوةُ السلاح أو كثرةُ الصواريخ أو العتاد، فهذه وسائل لا شكَّ مهمةٌ وفعَّالةٌ، إنما الأهم هو إعداد الرجال الذين يحملون هذه الأسلحة ويتصدَّون للعدوّ، ويعملون على إفشال خططه ومشاريعه العدوانية، ولقد فطنت إلى ذلك الحركاتُ الإسلامية المقاومة من أمثال حماس والجهاد وحزب الله، فعملت على إعداد الرجال أولاً وفْق منهج تربوي، يغرس في النفوس معانيَ عظيمةً، من أبرزها:
1- الإيمان بالله عز وجل هو الركيزة الأولى للبناء السليم، وهذا الركن هو أساس البناء كله، وهو الشجرة الطيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، فمن المهم تعميق هذا الإيمان في النفوس، وتقوية الحبل الموصول بالله عز وجل.
2- الجهاد في سبيل الله وإعلاء راية الإسلام؛ لتكون كلمة الله هي العليا، وهو ذروة سنام الإسلام، كما جاء في حديثٍ لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو يمثِّل القوةَ التي تحمي هذا الدين؛ لأن الحق تلزمه قوةٌ تحميه وتذود عن حياضه وتدفع عنه الغوائل والأطماع.
3- التضحية.. ونعني بها بذل النفس والمال والوقت والحياة وكل شيء في سبيل الغاية وليس في الدنيا جهادٌ لا تضحيةَ معه، وهو ما أشار إليه الإمام البنا رحمه الله في (رسالة التعاليم)، فلا تضيع في سبيل فكرتِنا تضحيةٌ، إنما هو الأجرُ الجزيلُ والثوابُ الجميلُ ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (التوبة: 111).
4- وليس غريبًا على المنهج الرباني في إعداد النفوس المجاهدة التي تدخل في صفقةٍ رابحةٍ مع الله عز وجل ببيع النفس والمال لله عز وجل مقابلَ الجنة.. ليس غريبًا أن يكون لهذه الصفوة المختارة صفاتٌ ومؤهلاتٌ تتربَّى عليها وتصطبغ حياتها بها، وذلك ما ظهر جليًّا وبوضوحٍ في الآية التالية مباشرةً ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّ